باسم الله الرحمان الرحيم
:::فضل الاعتكاف في شهر رمضان المبارك:::
الاجابـــة الاعتكاف هو لزوم المسجد لطاعة الله والتفرغ للعبادة والإقبال عليها والانقطاع عن الشواغل والشهوات والملاهي والأمور الدنيوية، وعن مخالطة العامة ومجالس القيل والقال؛ حتى يتفرغ لطاعة الله تعالى ويستفرغ وقته في القراءة والذكر والدعاء والصلاة ويحفظ صيامه عن ما ينقص ثوابه ويقبل على صلاته بقلب فارغ قد تخلى عن الدنيا ومتاعها واستحضر الآخرة وثوابها، وإنما يكون في المساجد حتى لا ينقطع عن صلاة الجماعة، فإن كل عزلة وانفراد يشغل عن صلاة الجماعة ويفوتها فلا خير فيه، ولقد لازم النبي - صلى الله عليه و سلم - الاعتكاف وداوم عليه في آخر رمضان حتى فارق الدنيا، ثم اعتكفت أزواجه من بعده، فهو سنة مؤكدة، ويشرع في رمضان؛ لأنه أشرف أيام الزمان وطلب لإدراك ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، وكلما كانت العبادة أكمل وأتم أُجر؛ فلذلك يشرع للمسلم العمل بهذه السنة في رمضان، والمداومة عليها، ويسن صيانة اعتكافه عما يفسده، أو ينقص أجره من السهو وكثرة الخروج وكثرة المخالطة والغفلة عن ذكر الله وعبادته. والله أعلم.
الآثار التربوية للاعتكاف وكيف يمكن للمعتكف تحقيقها
السؤال/ما هي أبرز الآثار التربوية للاعتكاف؟ وكيف يمكن للمعتكف تحقيقها؟
الاجابـــة من آثار الاعتكاف التفرغ للعبادة، بحيث يحب جميع القربات والأعمال الصالحة ويكثر منها في بقية حياته، فيقم الليل أو ما تيسر منه، ويواظب على الصلوات في الجماعة، ويأتي بالنوافل والرواتب التي قبل الفرائض أو بعدها، ويحب الصيام ويكثر من قراءة القرآن ويكثر من ذكر الله في كل حالاته، ويتوب إلى الله تعالى، ويجدد التوبة في كل الأوقات، ويبتعد عن المحرمات، ويهجر المعاصي وأهلها ويزهد في الدنيا وفي كل ما يشغله عن الأعمال الصالحة أو كل ما يرغب في الدنيا ويصد عن الدار الآخرة، ولا تتحقق هذه الآثار للمعتكف، إلا إذا صدق في اعتقاده وشغل وقته وقلبه وتفكيره في أمور العبادة وفي الدار الآخرة وما فيها.
الفتوى الاعتكاف والخوف من ترك الزوجة والأولاد
السؤال/عندما أسمع أو أقرأ عن الاعتكاف في رمضان وفضله تشتاق نفسي لأداء هذه العبادة العظيمة، لكنني لا أستطيع ذلك لأني سأضطر لإرسال أولادي وزوجتي لأهلها طوال مدة الاعتكاف مما يُعرضهم لمخاطر المنكرات الموجودة عندهم، والتأثر بها كمشاهدة التلفاز وسماع الموسيقى والألفاظ البذيئة.
فهل أعتكف رغم تلك المخاوف؟
أم أكون ممن منعهم العذر، وأنال برحمة الله وكرمه أجر الاعتكاف لأجل نيتي؟
الاجابـــة
إذا استطعت أن تعتكف ويبقى أولادك وزوجتك بمسكنهم بعد أن تؤمن لهم حاجتهم مدة اعتكافك، فهذا هو الأفضل وحتى لا يذهبوا إلى أهل زوجتك مما يعرضهم لمخاطر المنكرات، فإن لم يستطيعوا البقاء في مسكنهم فلك أن تعتكف يومًا وتخرج في اليوم الذي بعده، وتعتكف في اليوم الثالث، وتخرج في الرابع، وهكذا حتى تنتهي العشر الأواخر، وحتى لا يفوتك الاعتكاف ولو قليلًا، ولا يفوتك حفظ أولادك ومنعهم من التعرض للمنكرات، والله أعلم.
الفتوى الاعتكاف وشروطه
السؤال/ هنالك ـ أحسن الله إليكم ـ سنة قد تهاون فيها أكثر الناس، ألا وهي سنة الاعتكاف فما توجيهكم؟ وما شروط الاعتكاف ؟ وما يجوز وما لا يجوز؟ و هل يجوز للمرأة أن تعتكف ؟ وأين يكون ؟
الاجابـــة الاعتكاف هو لزوم المسجد لطاعة الله، وهو سنة مؤكَّدة في كل زمان، وتتأكَّد في العشر الأواخر من رمضان، كما روت عائشة رضي الله عنها ـ: أن النبي - صلي الله عليه وسلم - كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان، حتى توفّاه الله ـ عزّ وجلّ ـ، ثم اعتكف أزواجه من بعده .
وروى البخاري عن أبي هريرة قال: كان رسول الله - صلي الله عليه وسلم - يعتكف في كل رمضان عشرة أيّام، فلما كان العام الذي قُبض فيه اعتكف عشرين يومًا .
قال ابن رجب في اللطائف: "وإنما كان النبي - صلي الله عليه وسلم - يعتكف في هذه العشر قطعًا لأشغاله، وتفريغًا لباله، وتخليًا لمناجاة ربه، وذكره ودعائه، وكان يحتجر حصيرًا يتخلى فيها عن الناس". ولهذا ذهب الإمام أحمد إلى أن المُعتكف لا يستحبّ له مخالطة الناس- حتى ولا لتعليم علم وإقراء قرآن- بل الأفضل له الانفراد بنفسه، وهو الخلوة الشرعيّة لهذه الأمة، وإنما كان في المساجد؛ لأن لا يترك به الجمعة والجماعات.
فالمُعتكف قد حبس نفسه على طاعة الله وذكره، وقطع عن نفسه كل شاغل يشغله عنه، وعكف بقلبه وقالبه على ربه، وما يقربه منه، فما بقي له همّ سوى الله وما يرضيه عنه، فمعنى الاعتكاف وحقيقته: قطع العلائق عن الخلائق، للاتصال بخدمة الخالق، وكلما قويت المعرفة والمحبة له، والأنس به، وأورثت صاحبها الانقطاع إليه بالكليّة على كل حال". ا هـ.
ولا يصحّ الاعتكاف إلا بشرط:
الأول: النية، لحديث: إنما الأعمال بالنيات .
الثاني: أن يكون في مسجد، لقوله تعالى: وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ وكان - صلي الله عليه وسلم - يعتكف في مسجده.
الثالث: أن يكون ذلك المسجد الذي تُقام فيه صلاة الجماعة؛ حتى لا يتكرّر خروجه لكل وقت، مما ينافي الاعتكاف.
ولا يخرج المعتكف إلا لما لا بدّ له منه، ولا يعود مريضًا، ولا يشهد جنازة، ويحرم عليه مباشرة زوجته، ويستحبّ اشتغاله بالقربات، واجتناب ما لا يعنيه.
وله أن يتحدَّث مع من يزوره. وله أن يتنظف ويتطيَّب، ويخرج لقضاء حاجة وطهارة، وأكل وشرب، إذا لم يجد من يأتيه بهما.
وأما المرأة: فالأفضل في حقها البقاء في بيتها، والقيام بخدمة زوجها وولدها، ولا يشغلها ذلك عن عبادة ربها، ولأن خروجها مظنّة الفتنة بها، وفي انفرادها ما يعرضها للفسقة وأهل الفساد.
ولكن إن أمنت هذه المفاسد، وكانت كبيرة السن، وكان المسجد قريبًا من أهلها ومحارمها، جاز لها الاعتكاف فيه، وعلى ذلك يحمل اعتكاف زوجات النبي - صلي الله عليه وسلم- بعده، لقربهن من المسجد.
وبالجملة: لا يصح اعتكافها في مسجد بيتها، وهو مصلاها فيه، ويصحّ في كل مسجد، ولو لم يكن فيه جماعة مستمرّة، ويكره خروجها وانفرادها محافظة على نفسها. والله أعلم.
الجمع بين الاعتكاف ومسئولية الأسرة
السؤال/ عندما أسمع أو أقرأ عن الاعتكاف في رمضان وفضله تشتاق نفسي لأداء هذه العبادة العظيمة لكنني لا أستطيع ذلك لأني سأضطر لإرسال أولادي وزوجتي لأهلها طوال مدة الاعتكاف مما يُعرضهم لمخاطر المنكرات الموجودة عندهم والتأثر بها كمشاهدة التلفاز، وسماع الموسيقى، والألفاظ البذيئة.
السؤال/هل أعتكف رغم تلك المخاوف؟ أم أكون ممن منعهم العذر، وأنال برحمة الله وكرمه أجر الاعتكاف لأجل نيتي ؟
الاجابـــة إذا استطعت أن تعتكف ويبقى أولادك وزوجتك بمسكنهم بعد أن تؤمن لهم حاجتهم مدة اعتكافك، فهذا هو الأفضل، وحتى لا يذهبوا إلى أهل زوجتك مما يعرضهم لمخاطر المنكرات، فإن لم يستطيعوا البقاء في مسكنهم فلك أن تعتكف يومًا وتخرج في اليوم الذي بعده وتعتكف في اليوم الثالث وتخرج في الرابع، وهكذا حتى تنتهي العشر الأواخر، وحتى لا يفوتك الاعتكاف ولو قليلا، ولا يفوتك حفظ أولادك ومنعهم من التعرض للمنكرات، والله أعلم.
سماحة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين
__________________
.......................... اللهم بلغنا رمضان .....................